هذا الموضوع العلمي عميق لفهم احدى الأسس التي تمكننا من معرفة تماسك هذا الكون ببناءاته الموزونة والمحكمة ففي أضخم الكشوفات العلمية الحديثة بعد أبحاث عسيرة في المسرعات ، حيث أدت البحوث عن كشف افتراضي عما يسمى ببوزون هيغز ، لكن لا يتجلى الفهم الدقيق لهذه الجزئية التي أطلقوا تسميتها على مكتشفها نظريا العالم الفيزيائي هيغز ، وحتى نعرف ما هو بوزون هيغز ؟ فعلينا أن نعرف أولا أن بوزون هيغز هو من الجسيمات المتناهية الصغر التي تشكل البنية الكونية وهو يعد الوحدة المركزية التي يتشكل منها حقل هيغز وحتى نفهم فهما دقيقا لا بد لنا أن نتطرق لهذا المثال : فكُلُّنا يعرفُ ما هو الماء ؟ وعندما نغمسُ أنفسنا بالماء فإنّنا نشعرُ طبيعياً أنّنا مُحاطون بوسطٍ أو بيئةٍ متّصلة وبدون أي ثغرات ولكنّنا نعلم أيضا أن الماء هو مُركّب كيميائي مُكوّن من جزيئات
ذرتي هيدروجين وذرّة أكسجين ، فإذا جمعنا هاتين الفكرتين معًا فكرَة اتّصال الماء بعضه ببعض كوسطٍ واحد وفكرة تكوّنه من ذرّات صغيرة مُنفصلة يتكوّن من عدد لا يحصى من الجزيئات، عندها بإمكاننا أن نفهم ما هو بوزون هيغز وعلاقته بحقل هيغز، فهذا الحقل يمنَحُ الجسيمات دون الذرية كتلةً مُعيّنة، ويتكوّن من عدد لا يحصى من بوزونات هيغز مُنفصلة ، كما أنّ الماءَ مُكوّنٌ من عدد لا يُحصَى من الجزيئات الذريّة المُنفصلَة
وبيت القصيد في هذا التعريف هو أن هذا الحقل يحفظ السماوات والأرض في موضعها ويحفظ توازنها وصيرورتها حتى لا يتلاشى كل شيء
لأن الله تعالى أعطى وصفا دقيقا ومحكما قائلا سبحانه في محكم كتابه العزيز
انَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
فهذا التصوير المبدع لعملية المسك له علاقة أيضا بالزوال والفناء ( ولئن زالتا) الآية ، فلما بدأ العلم الحديث
بدراسة أعماق الذرة توصل الى حقائق
أذهلته منها هذا الجسيم المفترض الذي أكد وجوده العلم الكمي الحديث والذي يعد فرعا من فروع علم الفيزياء وما هو في الحقيقة الا حلقة مكملة لتصور أكبر عن هذا الخلق البديع وهذا النظام المتكامل في كل أسسه وجواهره المبني على السعة والرحمة ولا بد من وجوده لتكتمل المعادلة في الأذهان المستنيرة فينهج بذلك العلم نهجا سويا مطردا ويعترف حقا أن هذا الخلق المحكم هو لله تعالى الذي أتقن كل شيء صنعا
